في السخرية عند محمود درويش
محمود درويش (1941 – 2008)، أحد أهم الشعراء الفلسطينيين والعرب والعالميين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن. يعتبر درويش أحد أبرز من ساهم بتطوير الشعر العربي الحديث وإدخال الرمزية فيه. في شعر درويش يمتزج الحب بالوطن بالحبيبة الأنثى. قام بكتابة وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطيني [2] التي تم إعلانها في الجزائر.
في كتاب حمل اسم (الرسائل)، جُمعت تلك الرسائل التي تبادلها كلًا من (درويش) وصديقه (سميح القاسم) (1939-2014)، وأحد أهم وأشهر الشعراء العرب والفلسطينيين المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والمقاومة من داخل أراضي العام 48، رئيس التحرير الفخري لصحيفة كل العرب، عضو سابق في الحزب الشيوعي.
في رسالة أرسلها (درويش) إلى (سميح) بالخامس من أغسطس، عام 1986 من العاصمة الفرنسية (باريس)، تحدث (درويش) عن السخرية، فقال في رسالته:
هل أسخر؟ أسخر كثيرًا. فالسخرية وهي البكاء المُبطن خير من دموع الاستعطاف، لأن الرجل قد امتد بنا إلى ما دون أرذل العمر، إلى يوم نهبُّ فيه لمواساة القاتل بما حلّ به من مصاب. هو تأنيب الضمير، حين أتقن لعبة البكاء الإلكتروني على ضحايانا، فكدنا نقول له: “اغفر لنا موتنا على يديك .. اغفر لنا أننا سببنا لك بعض الإزعاج!”.
اضحك، يا ولدي، اضحك. فليس في وسعنا أن ننساق في لغة الحزن أكثر مما انسقنا، فلنوقفها بالسخرية، لا لأن السخرية هي “اليأس وقد تهذّب” كما يقولون، بل لأنها لا تثير الشفقة، ولأنها تنزل القاتل من منزلة الفكرة المجردة، السلطة المطلقة، إلى “إنسانية” تتعارض مع إنسانية البشر ومع الطبيعة الإنسانية، إلى “إنسانية” مضحكة بقدر ما هي مرعبة.