عن الفن والجمال
أوسكار وايلد (1854 – 1900) مؤلف مسرحي وروائي، وشاعر أنجليزي إيرلندي. احترف الكتابة بمختلف الأساليب خلال ثمانينات القرن التاسع عشر، وأصبح من أكثر كتاب المسرحيات شعبية في لندن، بدايات التسعينات من ذات القرن. أما في وقتنا الحاضر فقد عرف بمقولاته الحكيمة ورواياته وظروف سجنه التي تبعها موته في سن مبكر.
في مقدمة روايته الشهيرة (صورة دوراين جراي) والتي ترجمها (د. لويس عوض) كتب مقالة جميلة عن الفنون يقول فيها:
الفنان صانع الأشياء الجميلة.
غاية الفن أن يكشف عن نفسه، وأن يخفي شخصية الفنان.
الناقد من يترجم أثر الجمال في نفسه بلغة غير لغة الفنان، أو يصوغ من إحساسه به مادة غير مادة الفن.
وإن أعلى أنواع النقد لا يختلف عن أحطّها، في أنها جميعًا تراجم لحياة الناقد على نحو ما.
ومن يقرؤون معاني القبح في آيات الجمال هم السفهاء، ولا عذر لمن ضل سواء السبيل.
أما من يقرؤون معاني الجمال في آيات الجمال فهم الأصفياء؛ هم رجاء الإنسانية.
هم المختارون الذين لا يرون الجمال إلا جمالًا.
ليس بين الكتب كتب أخلاقية وكتب منافية للأخلاق، فالكتب إما جميلة التأليف وإما رديئة. تلك هي خلاصة القول.
ثورة القرن التاسع عشر على الأدب الواقعي هي ثورة (كاليبان) حين يرى وجهه في المرآة.
وثورة القرن التاسع عشر على الأدب الخيالي هي ثورة (كاليبان) حين لا يرى وجهه في المرآة.
الحياة الأخلاقية بعض مادة الفن. ولكن أخلاقية الفن تأتي من كمال التعبير رغم نقص أداة التعبير.
ما من فنان يريد إثبات وجهة نظر ما، الحقائق ذاتها لا يمكن إثباتها.
ما من فنان يتحيّز لمدرسة في الأخلاق معينة. والتحيز الأخلاقي لازمة في الأسلوب لا تغتفر.
ما من فنان يشتكي السقم أبدًا، الفنان يستطيع التعبير عن كل شيء في الحياة.
أداة الفن، الفكر واللغة. ومادة الفن، الفضيلة والرذيلة.
أرقى الفنون من ناحية القالب، الموسيقى. وأرقى الفنون من ناحية الشعور، التمثيل.
للفن ظاهر مكشوف، ورمز خبئ.
ومن يتجاوز الظاهر، يجازف بكل شيء.
ومن يفهم الرمز، يجازف بكل عزيز.
الفن ليس صورة الحياة، بل صورة المستعرض لموكب الحياة.
اختلاف الظنون في العمل الفني دليل على أن العمل جديد ومعقد ونابض بالحياة.
كلما اختلف النقاد، أحسّ الفنان بأنه أدّى واجبه.
في وسعنا أن نصفح عن صاحب الفن المفيد، إذا أدرك أن فنه ليس جميلًا ، والمبرر الأوحد لوجود الفن هو أن يأسرنا بجماله.
لا نفع في الفن إطلاقًا.