نصائح إلى الأديب من تولستوي وغيره
كتاب (لعبة الأدب) هو: مجموعة من الرسائل والمقالات والحوارات لكتاب كبار أو عنهم. يتحدثون فيها عن الأدب والكتابة بشكل عام من جوانب شتى باتجاهات مختلفة وغنية. وأيضا بعض تجاربهم الشخصية معها. عباقرة فن الكتابة يشرحون أسرار اللعبة.
نصائح إلى الأديب من (تولستوي):
كل أديب حين يكتب شيئاً جيداً، فإنه يكتب ما يُريد أن يكتبه.
أريد أن أُركّز على هذه النقطة ..
كل عمل فني هو وليد الحاجة والرغبة في خلق شيء .. هذا هو الفرق بين الدافع الفني والدافع العلمي.
العلم فهم وتجربة، خلاصة تجربة. إنه الفكرة والاكتشاف. والفن هو خبرة الحياة الشخصية، الخبرة كما ترويها الصور والأحاسيس. إنه الخبرة الشخصية التي تحاول أن تصل إلى التعميم.
و الأديب يعلم من التجربة أن الكتابة عمليّة يُسيطر فيها على مادته ومن خلال ذلك يُسيطر على نفسه أو يصبح سيّد نفسه.
و تجربة الكتابة تواجهها دائمًا عقبات يجب حلّها. هناك دائمًا صعوبة ينبغي التغلّب عليها.
لا يوجد أديب يفيض قلمه بسهولة بغير متاعب.
إن الكتابة صعبة و كلما كانت صعبة كلما جاءت نتائجها طيّبة.
كيف نتغلب على هذه العقبات؟
هناك نصيحة يمكن إسداؤها بثقة بالنسبة لكافّة المشاكل الغنيّة التي تتطلّب الحل.
هذه النصيحة هي أن تختار الحل الذي يعجبك أنت، و الذي يجذبك إليه من دون الحلول الأخرى.
و بتعبير آخر، عليك أن تجرّب الموقف الفنّي و أن تختار الحل الذي تهواه.
الحل الذي يضايقك لا تقربه، و إذا جرّبته فإن النتيجة ستكون زائفة و سيئة.
إذا كتبت وأنت في حالة ضيق أو بدون حماسة فإنك تسير في الطريق الخطأ، يجب أن تحلّق وتستخدم أجنحتك وتطير.
ضع هذه النصيحة نصب عينيك وفي رأس القائمة دائمًا والفن هو عملية خلق في الوقت الذي يرغب الفنان نفسه أن يخلق، رغبة غير عادية، أكبر من رغبة القارئ نفسه في القراءة.
و أحيانًا يكتب الأديب بحماسةٍ تفوق حماسة القارئ لأدبه.
في هذه الحالة يكون الأدب مفتقراً إلى تجربة الاتصال، و لكن ليس معنى هذا أنه ليس بأديب. إنه يسير في الطريق الصحيح.
إن العمل الفني هو دائمًا عمل ثنائي المفعول، فإن الأديب ينمو مع فنه، و أدبه ينمو مع الناس الذين يُصورهم، والأديب ينمو مع الشخصيات التي يخلقها.
على الأديب أن يُنمّي في نفسه ويعتاد على الملاحظة، و عليه أن يحبّ ذلك .. ألا يتوقف عن ممارستها. عليهِ أن يُخمّن الماضي و الحاضر لرجل من حركة, من عبارة.
يقول الأدباء الرمزيّون الفرنسيون أن الفكرة تجد التعبير عنها في عبارة واحدة دون غيرها و ينبغي الوصول إلى هذه العبارة.
و يُلخص (سومرست موم) قوانين الأسلوب بقوله:
القانون الأول هو : إن الأسلوب الجيّد هو الذي لا يبدو فيه أثر جهد الكاتب و إنما تبدو الكتابة كأنها متعة للكاتب نفسه.
القانون الثاني هو : إن على الكاتب أن يكتب باللغة السائدة في عصره. لأن اللغة كائن حيّ ينبض بالحياة. و هي كالكائن الحيّ دائمة التطوّر و التغيّر.
أمّا في الحديث عن الموهبة الفنية وكيف يُنمّيها الفنان في نفسه ويصقلها فهي عند (تشيخوف) معركة دائمة بين الفنان وبين التخلف سواءً في نفسه أو في الوسط الذي يعيش فيه. وهي معركة ينبغي أن تكون جماعية، أي أن يدعو الفنان زملاءه إليها كما يدعو الجندي زملاءه في العراك. ولهذا فالموهبة الناضجة لاتقتضي من الفنان تقويماً فكرياً فحسب. بل تقويماً خلقياً في الوقت نفسه بعيداً عن كل أثر للهمجية سواءً في الفكر أو في السلوك.
لهذا يهتم (تشيخوف) بأن يكون الفنان مخلصاً غاية الإخلاص مع نفسه وهو يبدع. أن يكون على علاقة مباشرة وطيدة مع أعماقه. لأن أجمل مافي الفنّ الإخلاص و البساطة.
و” الموهبة هي الشجاعة ” جملة يرددها تشيخوف كثيراً لأن الجبن لا يُنتج فناً، بل مرضاً يلبس مسوح الفن. و إذا كانت الشجاعة تكلف الإنسان الكثير فإن الفن يتطلب من الفنان خصائص شخصية ممتازة و تضحيات لا حصر لها.
و يربط (تشيخوف) بين الموهبة و القيم الخلقية ربطاً محكماً لأن الإبداع الأصيل والخلق هما جناحا الفنان الحقيقي.
و في قصته (مشاعر حادة) يقول: “إن الموهبة قوّة أصلية كالغرائز“
أما بالنّسبة لـ(جوركي) فكان الأدب هو وسيلته في الكتابة ويقول في مقدمة كتاب روسي عن تاريخ الأدب الأجنبي:
إنني أدين للكتب بكل ماهو طيّب في نفسي. حتى في صباي أدركت أن الفن أغزر سخاءً و كرماً من الناس. إنني متيّم بالكتب. كل كتاب هو عندي معجزة. و كاتبه يبدو لي ساحراً