الحضارات البشرية والتاريخالمعرفة والفكر الفلسفي

مستقبل الحضارة الغربية المظلم برؤية تشارلي تشابلن

"لقد اندفعنا بصورة عمياء إلى البشاعة والتكدس، وفقدنا حسنا الجمالي"

الفنان البريطاني تشارلز سبنسر تشابلن الملقب بـ”تشارلي تشابلن“، ممثل كوميدي صامت احتلت أفلامه قمة السينما الكلاسيكية الصامتة لعقود طويلة، ولكن ما لا يعرفه الكثيرون جانب الكاتب والأديب، صاحب الرسالة الفنية الإنسانية العظيمة.

شوهدت خطبته المؤثرة في فيلم الديكتاتور العظيم وانتشرت بشكلٍ واسعٍ وأعجبت الجمهور حتى أنها ترجمت إلى لغات عدة.

سنشهد هنا المزيد من العمق والأصالة في فكر هذا العملاق الذي كتب في نهاية كتابه (قصة حياتي)عن أثر التقدم العلمي المادي في تلاشي القيم الجمالية، وعن السبيل لاستعادة إنسانية الإنسان، حيث قال:

أعتقد أن الوقت قد حان لوضع موازنة للعالم كما أراه اليوم.

إن التعقيدات المتزايدة للحياة الحديثة، والإيقاع المجنون الذي يميّز القرن العشرين تجعل المرء محاطًا بمؤسسات عملاقة تهدده من كل جانب على شتى الأصعدة: السياسي، العملي والاقتصادي.

إننا نغدو ضحايا تشريط النفوس، والعقوبات والإباحات.

أما عن الحس الثقافي، فقال:

هذا الرحم الذي تركنا أنفسنا نتقولب فيه ناجم عن فقدان للحدس الثقافي.

لقد اندفعنا بصورة عمياء إلى البشاعة والتكدس، وفقدنا حسنا الجمالي.

أما حس الحياة لدينا فحلّه اشتهاء الربح والسلطة والاحتكار.

لقد تركنا هذه القوى تحاصرنا من دون أن نهتم ولو بأدنى الحدود بالنتائج المخيفة التي قد يؤدي إليها ذلك.

لقد سلّم العلم المفتقد لتوجه عقلاني ولحس المسؤولية أسلحة دمار للسياسين والعسكريين بحيث يقبضون بأيديهم على مصير كل المخلوقات الحيّة على هذه الأرض.

وأكمل قائلًا:

 إنّ فرط السلطة هذا المعطى لأناس موهوبين مسؤولية أخلاقية وكفاءة فكرية أقل ما يمكن القول بشأنهما أنهما غير مؤكدين، وفي الكثير من الحالات موضع جدال، يمكن أن ينتهي بحرب تستأصل كل حياة على سطح الأرض، ومع ذلك فنحن نسير قدمًا بصورة عمياء.

لقد قال لي الدكتور روبرت أوبنهامر ذات يوم: ” إن الإنسان مدفوع بحاجة إلى المعرفة” وهذا جيد جداً، ولكن الناس لا يهتمون في كثير من الحالات بالنتائج. ولقد كان الدكتور موافقاً معي على هذه النقطة.

 إن بعض العلماء يشبهون متدينين متعصبين، يندفعون إلى الأمام، ظانين أن ما يكتشفونه هو للخير دائمًا وأن فعل إيمانهم العلمي يشكل أخلاقًا (بحد ذاته).

ونظر للإنسان على أنه:

حيوان يمتلك غرائز بقاء بدائية، وقد نمت مهارته أولاً، ومن ثم روحه.هكذا للتقدم العلمي سبق مهم على سلوك الإنسان الأخلاقي.

إن الغيرية تسير ببطء على حلبة التقدم البشري، إنها تتبع العلم متعثرة ولا يسمح لها بالتجلي إلا بضغط الظروف. والفقر لم تحدّ منه الغيرية لدى الحكومات أو حبّها للبشر، بل قوى المادة الديالكتيكية.

لقد قال (كارليل): “إن خلاص العالم سيأتي من الفكر الشعبي، لكن بلوغ ذلك، يجب أن تضغط على الإنسان ظروف خطيرة”.


[المصدر]
ترجمة: فهد الحازمي
مراجعة: منى كنعان
تحرير: أحمد بادغيش

فهد الحازمي

كنت طالباً جامعياً وسأظل طالباً إلى الأبد.
زر الذهاب إلى الأعلى