فلسفة (بروس لي) في التعلم
كتب (نيتشه) في أطروحته الخالدة عن التعليم: “لا يستطيع أحد أن يبني لك، لك وحدك، جسرا تعبر عليه نهر الحياة”. وجادل (ألبرت آينشتاين) في رسالة نصح لابنه الصغير أن سر تعلم أي شي يكمن في “فعل شيء تجد الأنس فيه والمتعة بحيث تنسى الشعور بمرور الوقت” ومع ذلك، فإن نظام التعليم الغربي المهيمن يعتمد على طريقة التلقين والتحفيظ عن ظهر قلب للمعلومات، وهي طريقة تفتقر للمتعة وكئيبة نوعا للتعلم خاصة في عصر التقنية والمعلومات.
أنشأ فنان الفنون القتالية الأسطوري والفيلسوف الغير مقدر بروس لي (1940 – 1973) واحدة من أبسط وأروع وأهم وجهات النظر للتعلم المثمر. في هذا المقتطف من حلقة حديثة لبودكاست للرائع (بروس لي)، تحكي ابنته (شانون لي) فلسفة أباها في التعلم، التي تم نشرها في كتاب أباها المسمى (حياة الفنان). حكى (لي) أسرار الحكمة المدفونة في تحقيق الإدراك الذاتي، وأصل استعارته الشهيره للمرونة.
التعلم هو الاكتشاف؛ اكتشاف أسباب جهلنا. مع ذلك فإن أفضل طريقة للتعلم ليست بحساب المعلومات، بل بالكشف عن ذواتنا وما هو موجود فينا، فعندما نكتشف شيء ما فنحن بالواقع نكشف عن قدراتنا وإمكانياتنا لتحقيق رغباتنا وما نصبو إليه، نرى ما يجري من حولنا لاكتشاف كيفية إثراء حياتنا وإيجاد وسائل تسمح لنا بالتعامل مع الأوضاع الصعبة.
في قلب فلسفة (لي) للتعلم، نجد الفروق الأساسية للتعلم في التقييد بأشكال متعددة منها التلقين الثابت، والتعلم للتحرر في شكل ديناميكية متوسعة ذاتيًا. ويعيد النظر في الموضوع في قسم آخر من الكتاب:
ليس علينا “كسب” الحرية، لأن الحرية لطالما كانت دائما معنا، ولا شيء يمكن أن نكتسبه في النهاية من خلال الالتزام الصارم والمخلص لبعض الصيغ المحددة. الصيغ بإمكانها فقط منع الحرية والتشكيلات تسحق الإبداع وتفرض الرداءة. التعلم بالطبع ليس مجرد التقليد أو القدرة على تراكم وتطابق المعلومات الثابتة، بل هو عملية مستمرة للاكتشاف اللامتناهي.
وعلاوة على ذلك في الكتاب، يتناول (لي) مفارقة التعلم من منظور مستوحى من (زِن) ويضيف ملاحظة مهمة:
التعلم المكتسب هو التعلم المفقود. المعرفة أو المهارة التي حققتها ستصبح “نسيًا منسيًا”، وستطفو في الفراغ بلا عرقلة وبشكل مريح. التعلم مهم لكن لا تصبح عبدًا له، وقبل كل شيء، عقلك هو الأساس فلا تؤوي أي شيء خارجي أو زائد عن الحاجة. لا يمكن أن تكون سيد المعرفة التقنية الخاصة بك حتى تزيل جميع العقبات النفسية، وتبقي العقل في حالة فراغ وتطهير من أي تقنية حصلت عليها بلا جهد واعٍ.
[المصدر]