ثلاثة قصائد مترجمة عن الشعر البريطاني في القرن العشرين
"لوقت لم نفطن له، كان لديهم الكثير مما يُقال"
١. بيانو:
(ديفيد هربرت لورنس) [١٨٨٥م-١٩٣٠م]، أحد أهم الأدباء البريطانيين في القرن العشرين. تعددت مجالات إبداعه من الروايات الطويلة إلى القصص القصيرة والمسرحيات والقصائد الشعرية والكتابات النقدية. من أشهر أعماله (عشيق الليدي تشاترلي).
امرأة تغني لي بنعومة، عند الغسق؛
آخذةً إياي إلى ما فات من مجاز السنوات، حتى رأيت،
طفلاً جالسًا تحت البيانو، تحت دويِّ الأوتار المشدودة،
وضاغطًا على قدم الأم المتزنة التي تبتسم وهي تغني.
ونكاية بنفسي، ضللتني الأغنية المغوية الغامضة، حتى انتحب قلبي من الحاجة إلى أن ألوذ،
بأمسيات الأحد في البيت، والشتاء في الخارج،
والتراتيل في الدار الحميمة، وخشخشة البيانو التي تأخذ بأيدينا.
لذا فالآن حان للمغني المختال أن يندفع بصخب بالبيانو الأسود الضخم بكل عنفوان موسيقي.
والوهج من أيام الطفولية يغمرني، ورجولتي مطرقة الرأس في طوفان الذكرى، وأنتحب كطفل على الماضي.
٢. الإعلان:
(توماس هاردي) [١٨٤٠م-١٩٢٨م]، روائي وشاعر إنجليزي، وكاتب واقعي من العصر الفيكتوري. كان متأثرا بالرومانسية، خاصة بالكاتب (ويليام وردزورث).
جاء الأخوان، وأخذوا كرسيين اثنين،
بطريقتهم المعهودة الوادعة؛
ولوقت لم نفطن له،
كان لديهم الكثير مما يقال.
وبدأوا بالحديث لفترة،
عن أشياء عادية،
حتى انتشر الصمت في أرجاء الغرفة،
حابسًا ما يُستعاد من أفكار.
ثم قالوا: “أزف الوقت.
نعم: لقد حانت النهاية أخيرًا.”
وخشعت أبصارنا، وعلمنا أنْ في ذلك اليوم،
روح ما قد رحلت.
٣. جنة المأوى:
(جيرارد مانيلي هوبكنز) [١٨٤٤م-١٨٨٩م]، يصنف شاعرًا كبيرًا لإنجلترا في العصر الفكتوري، رغم أن أعماله بقيت تقريبًا غير معروفة حتى عام ١٩١٨م، عندما نشرت لأول مرة.
لدي رغبة في أن أذهب،
إلى حيث الينابيع لا تنضب،
إلى حقول لا يثور الذباب فيها ولا ذو الوجهين،
إلى حيث تموج الزنابق.
وسألت أن أكون،
حيث لا عواصف تهب،
حيث تنتفخ الخضراء في الملاذات البكم،
وخارج تموجات البحر.
ترجمة: علي الضويلع. مراجعة وتحرير: أحمد بادغيش