السعادة في أن نعيش بأمالنا، وللخير .. ماري شيلي في روايتها الأخيرة؛ ماتيلدا
ماري شيلي [١٧٩٧م-١٨٥١م] هي الكاتبة الإنجليزية مبدعة شخصية (فرانكنشتاين) عام ١٨١٨م، وزوجة الشاعر (بيرسي بيش شيلي)، ولدت في لندن لعائلة مثقفة، إذ كان والدها الكاتب والمفكر (ويليام غودوين) ووالدتها الكاتبة (ماري وولستونكرافت) التي كانت من أولى المدافعات عن حقوق المرأة، وتوفيت إثر ولادة ابنتها التي نشأت في جو من الحرية والثقافة العالية.
كما هو الحال مع كتابات (ماري شيلي) كلها، هناك الكثير من سيرتها الذاتية، وربما كان هذا السبب خلف تأخر نشر روايتها (ماتيلدا) منذ تاريخ كتابتها في ١٨٢٠م وحتى تاريخ نشرها عام ١٩٥٩م، عندما وجدت (إليزابيت نيتشه)، محررة الرواية في نسختها الأصلية، المخطوط الكامل للرواية في مكتبة جامعة ديوك.
في أحداث الرواية المأساوية، كتبت (شيلي) حوارًا عميقًا عن معنى الحياة بين الشخصية الرئيسية وصديقها (وودفيل)، تلتقطه ترجمة الأستاذ (منصور العمري) للرواية إلى اللغة العربية. يقول (وودفيل):
لا نعرف ما يعنيه هذا العالم الواسع، بخليطه الغريب من الخير والشر. ولكننا نعيش بآمالنا. لا أعرف ما الذي نأمل به، ولكن، هناك بعض الخير في هذه الحياة، وعلينا البحث عنه، هذه مهمتنا في الحياة.
إذا أصابنا سوء الحظ، يجب أن نقاتله، وأن نتخلص منه، ونستمر في البحث .. فهذه طبيعتنا.
تتحدثين عن الذهاب إلى وجود آخر لا أعرفه، ولكني أعرف أننا كمخلوقات في أرض خلقها الرب، يجب أن نمدّ يدنا لتسهيل الطريق على الأجيال القادمة. يمكن أن نبذل جهدنا الآن، لجعل الحياة أكثر سعادة وعدلًا لأجيال المستقبل. يجب أن نلقي الأنانية جانبًا، ونحاول معرفة حقيقة الأشياء، حقيقة البشر.
ربما يكون الأمر بعيد المنال. ولكنه سيأتي يومًا ما، وسيخلق من معاناة من يعيش اليوم في بؤس، ويبكون بمرارة مثلك. قد نستطيع تحرير البشر من شرور الحياة التي نعيشها نحن. منذ كنت شابًا، أردت أن أكون إنسانًا خيّرًا. أن أكرس حياتي من أجل خير الآخرين، وأبذل قصارى جهدي لاستئصال الشر، وبمساعدة الملائكة، الذين سيخففون عليّ معاناتي خلال ذلك. لكن، لطالما يوجد أمل ورجاء، يجب أن يكون هناك نجاح.
يتابع (وودفيل) في حواره:
أولئك الذين لا يعملون من أجل الأجيال القادمة، أو من يعملون من أجلهم مثلي ربما، لن يسجل التاريخ عملهم بأسمائهم، لكن، صدقيني، لديهم واجباتهم أيضًا. تشعرين بالأسى لأنك غير سعيدة! السعادة هي ما تريدين، ولكنك لا تسعين من أجلها.
قد تستطيعين منح السعادة لشخص آخر، حتى ولو لساعة واحدة، ألا يستحق هذا أن تبقي على قيد الحياة؟ كل شخص لديه القدرة على فعل ذلك. إن سكان هذا العالم يعانون الكثير من الألم، ففي المدن المزدحمة أو بين السهول المزروعة أو في الجبال الصحراوية، ينتشر الألم بشكل كثيف، وإن كان بإمكاننا تمزيق واحدة من هذه الأعشاب الضارة أو أكثر، إذا استطعنا زرع بذرة واحدة من الذرة، أو زهرة جميلة، فليكن ذلك دافعًا كافيًا ضد الانتحار.
يجب ألا نتخلى عن مهمتنا في حين أن هناك أدنى أمل في أن نفعل ذلك في المستقبل.
تحرير: أحمد بادغيش