العلوم البشرية والاجتماعيةالمعرفة والفكر الفلسفي

تكوين الهوية الذاتية لدى الشباب عند مصطفى حجازي

د. مصطفى حجازي

الدكتور (مصطفى حجازي)، أكاديمي ومفكر لبناني. حاصل على الدكتوراه في علم النفس من جامعة ليون بفرنسا. شغل مناصب استشارية مختلفة لعدد من المنظمات التابعة للأمم المتحدة، كتب في المجالات التالية: علم النفس، والبحوث والدراسات السكانية، الشباب المراهقون، الصحة العقلية، والسلوك النفسي. وصدرت له العديد من الدراسات النفسية والاجتماعية، الكتب التي قام بتأليفها هي كالتالي:

يتحدث د. مصطفى في هذا الاقتباس عن تكوين الهوية. فيقول مستفتحًا:

لا يوجد إنسان بدون هوية ذاتية، أو هوية مواطنة أو هوية حضارية، إنها من مكونات الوجود الأساسية. ولذلك فلا مبرر إطلاقًا للخوف من أن يصبح الشاب العربي بلا هوية. تكمن المسألة في نوعية هذه الهوية، وليس في وجودها أو غيابها.

الهوية الإنسانية ذات جذور بيولوجية راسخة تتمثل في التعلق بالأرض والانتماء إلى مجال حيوي. ويتساوى الإنسان في ذلك مع كل الكائنات الحية التي لها مجال حيوي تدافع عنه بضراوة.

[…]

يتحدث د.(حجازي) بعد ذلك في موضع آخر من كتابه عن تكوين الهوية لدى كلٍ من الأطفال والمراهقين والشباب، فيقول مبتدئًا بمرحلة الطفولة:

الطفل يبحث عن هوية ويبني هوية، بدءًآ من اسمه الشخصي واسم عائلته ومكانته بين الأخوة، ثم توسعًا إلى الأسرة الممتدة والحي والمدرسة والوطن والمنطقة الحضارية. إنها عملية مدفوعة ذاتيًا، لا تفرض أو تخلق من فوق، بل هي توجه على صعيد المحتوى والقيمة. تُطرح الهوية الذاتية بحدة خاصة، تتخذ تسمية “أزمة الأصالة” في المراهقة وأول الشباب.

[…ّ]

تتجلى الصحة النفسية للمراهق ومرحلة أوائل الشباب في بزوغ هوية شخصية متماسكة، وصورة عن الذات واضحة ومصدر قيمة، واعتزاز بالكيان الذاتي، مما يشكل مدخل العبور إلى سن الرشد. وفي المقابل يمثل الفشل في بناء هوية متكاملة وطغيان انتشار الأدوار إلى الضياع والتشتت في النظرة إلى الذات، والوقوع في مشاعر الضياع والغربة عن هذه الذات، مما يشكل المدخل إلى الاضطرابات النفسية والسلوكية.

[…]

يتابع بعد ذلك حديثه عن بناء الهوية المتماسكة لدى الشباب، فيقول:

ينخرط الشباب في بناء الهوية المتماسكة من خلال الشغل على مفهوم الذات؛ ما هي هذه الذات وما سيرورتها وما خصائصها، وتميّزها؟ وتنشط في هذه الحالة مسألة الاستبطان والتأمل الذاتي، والوعي الحاد بالذات والكيان الشخصي، التي تشكل أحد خصائص مرحلة الشباب.

[…]

ولا يتحقق الشباب كتجربة ذاتية، إلا إذا قام كل منهم بقدر أدنى من الاشتغال بالذات، وبناء الموقع والمكانة والدلالة ضمن الجماعات المرجعية. وكلما تبلور مفهوم متماسك ومصدر قيمة عن الذات، عبر الشاب إلى مرحلة النضج والرشد، كما يذهب إليه (إريك أريكسون) في حديثه عن مراحل العمر الثمانية ومهامها.

د. مصطفى حجازي – الشباب الخليجي والمستقبل


المصدر:

أحمد بادغيش

مدوّن، مهتم بالأدب والفلسفة والفنون.
زر الذهاب إلى الأعلى