الإنتاج الفني والسردي

تجربة (إيغلتون) العميقة لقراءة الأدب

تيري إيجلتون

يعد (تيري إيغلتون) أحد أهم النقاد المعاصرين الذين كتبوا حول نظرية الأدب ووظيفة النقد وأيدولوجيا علم الجمال.

في كتابه (كيف نقرأ الأدب) يستعرض بعض الأدوات الأساسية في أسلوب قراءة النص الأدبي واستيعابه بعمق ومتعة. ويقدم تحليلا متفردا لعدد من النصوص الأدبية في خمسة فصول؛ الافتتاحيات، الشخصية، السرد، التفسير وأخيرا القيمة.

إن الأعمال الأدبية قطع بلاغية وتقارير أيضا، وتتطلب نمطا من القراءة على درجة بالغة من اليقظة؛ نمطا متنبها للنبرة والحالة المزاجية والسلاسة والجنس والنحو والتراكب والنسيج والإيقاع وبنية السرد وعلامات التنقيط والإبهام، بل لكل ما ينطوي عليه موضوع الشكل.

وعن افتتاحيات الأعمال الأدبية يقول بأن الأديب يكون في أفضل حالاته في مستهل الفصل الأول:

فتراه تواقا إلى التأثير، راغبا في لفت نظر القارئ، متعمدا أحيانا اقتلاع كل علامات الوقف.

يستعرض افتتاحية رواية (رحلة إلى الهند)” لـ(إدوارد فوستر) التي يصف فيها مدينة “شاندرابور” فيقول: “إننا أمام أديب يتمتع بعين دقيقة الملاحظة شديدة التمييز، ولكنها في الوقت نفسه عين هادئة تنظر من بعد.”

أما افتتاحية مسرحية (ماكبث) لـ(شكسبير) فهي استفهامية: “تحتشد بالأسئلة، وأحيانا بأسئلة تكون أجوبتها أسئلة أخرى؛ مما يساعد في خلق مناخ تكثر فيه الشكوك والقلق والارتياب المرضي. إن طرح سؤال يتطلب شيئا محددا في الإجابة، ولكن الأمر ليس كذلك في هذه المسرحية.”

الفصل الثاني من الكتاب يتحدث عن الشخصية فيقول أن شخصيات النصوص الأدبية لا تمتلك تاريخ قبلي، وحين يصل العمل إلى نهايته تختفي الشخصيات والأحداث في هواء رقيق.

لكن بعض الروايات تنتهي بتخيل أحدهم لمستقبل شخصياتها: “متخيلا إياها وقد تقدم بها العمر وشاب شعرها وابتهجت وهي وسط مجموعة من الأحفاد العابثين. وتجد هذه الروايات صعوبة في ترك أحفادها يذهبون وشأنهم مثلما يجد الآباء في بعض الأحيان صعوبة في ترك أطفالهم.”

في الفصل الخاص بالسرد، يتحدث عن الراوي، ثمة رواة واسعو المعرفة وبعضهم لا يمكن الوثوق بهم. ومع ذلك يمتلك الراوي سلطة على القارئ.

السرد نوع من أنواع الاستراتيجيات يوظف مصادر معينة ويستخدم تقنيات محددة من أجل تحقيق أهداف بعينها.

أما تفسير الأعمال الأدبية والنظر في معانيها فهو أمر لا يمكن التنبؤ به ” فمثلما أن والدينا لا يواصلون السيطرة على حياتنا عندما نتقدم في العمر، فإن الشاعر لا يمكنه بدوره أن يقرر السياق الذي سوف يقرأ فيه كتابه ولا المعنى الذي يرجح أن نستخرجه منه.”

وفي تساؤل عما يجعل العمل الأدبي جيدا؟ أو رديئا؟ نجد أن الأجوبة كثيرة مثل “عميق البصيرة، والواقعية، والوحدة الشكلية، ونيل الاعجاب الشامل، والتعقيد الأخلاقي، والابتكار اللفظي، والرؤية التخيلية.”

أنها القيمة التي تجعل من عمل ما رفيع المستوى ويولّد معاني جديدة بمرور الزمان.

زر الذهاب إلى الأعلى