فقه الحياة

برينيه براون والقوة في أن تكون معرّضاً للجرح

برينيه براون كاتبة وباحثة أمريكية واستاذة في جامعة هيوستن، قضت معظم حياتها العملية تدرس قضية واحدة: vulnerability. هذه الكلمة يمكن أن تعني في ثقافتنا العامة الضعف، و هذا معنى ترفضه في طرحها. يمكن لهذه الكلمة أيضا أن تعني الحساسية، سرعة التأثر، القابلية للجرح، أو التعرُّضيّة.

بِتنا نعيش في مجتمعات تنظر للحساسية كشيء ينبغي التخلص منه، وفي سعينا لأن نفعل ذلك؛ نفقد الكثير.

تقول (براون):

 صحيح أن التعرضية هي في صميم الخوف، القلق، و العار، لكنها أيضا مسقط رأس الفرح، الحب، الانتماء، الإبداع والإيمان. مشكلة كبرى عندما نفقد -كمجتمع- قدرتنا على أن نكون معرضين.

كانت مهتمة بالذي يجعل بعض الأفراد يشعرون بالحب و الانتماء و بأنهم جديرون به فعلا بينما يعاني آخرون من أجل ذلك:

من الأشياء المشتركة بين هؤلاء؛ تقبلهم لكونهم معرّضين. لم يتحدثوا عن ذلك بوصفه مريحا ولا بوصفه موجعا. لقد تحدثوا عن التعرضية بوصفها ضرورية. تحدثوا عن أشياء مثل: استعدادهم لقول : (أحبك) أولا، استعدادهم لفعل شيء بلا ضمانات للنتائج، استعدادهم للتنفس بينما ينتظرون اتصال الطبيب بعد فحص ماموغرام الثدي، و استعدادهم للاستثمار في علاقة قد تفلح و قد لا تفلح.

اعترفت (براون) بمعاناتها هي نفسها في تقبّل النتائج التي توصلت إليها و التي تتعارض مع طبيعة عمل الباحث، أي أن ”مهمتها للتحكم بالبيانات و توقع النتائج” انتهت بها إلى أن الطريقة الوحيدة للتكيّف مع التعرضية هو ”أن تتوقف عن التحكم و التوقع”.

وماذا لو خسرنا قدرتنا على أن نكون معرضين؟ متحدّثةً عن تبعات ألا نكون معرضين بعد الآن:

أحد أعراض فقداننا لقدرتنا على أن نكون مُعرّضين هو أن يصبح الفرح هاجسا منذرا بالشر: شيء جيد يحدث. نطالع أحبابنا و نشعر حينها أننا مرغمين على تسديد لكمة لما يجعلنا معرضين للأذى. عرضٌ آخر: خيبة الأمل تغدو أسلوب حياة، لأنه من الأسهل أن (تعيش) الخيبة مقابل أن (تشعر) بها فعليا. لا تعود متحمسا لأي شيء لأنك لست متأكدا تماما من إمكانية حدوثه. الكمال أو المثالية -كأحد الأعراض- هو الدرع ذو المئتي باوند الذي اخترعناه كأداة حماية، فبعد كل شيء، كيف يمكن لأي شيء أن يأخذ منحنى خاطئا فيما لو كانت حياتنا تبدو مثالية كإعلان تجاري؟ التطرف، و التطرف هنا ناتج المعادلة عندما نطرح التعرضية من الإيمان. نحن بهذا نحول ما هو غامض و ملتبس إلى مؤكد و قطعي لنخدّر إحساسنا بالخوف.

 وتعترف بعدها بصعوبة أن نتقبل كليا إحساسنا بالتعرضيّة وتقول:

أن نجعل أنفسنا مكشوفين لأن نُرى، نُرى بعمق، نرى بشكل يجعلنا معرضين للجرح.. أن نحب بصدق على الرغم من عدم وجود أية ضمانات.. أن نتساءل: أبإمكاننا أن نحب بهذا القدر؟ أبإمكاننا أن نؤمن بهذا الشغف؟ أن نكون قادرين على التوقف لنقول: نحن ممتنون، لأن الشعور بأننا معرضين لهذا الحد يعني أننا على قيد الحياة.

نحن نريد المزيد من الضمانات. ضماناتٍ على أننا لن نتأذّى و أن الحوادث السيئة لن تصيبنا. لكنها تحدث. هناك شيء واحدٌ مضمون : إن لم نختبر الفرح، فلن يكون لدينا أي ذخيرة مما سنحتاجه حقا عندما تقع الحوادث السيئة.

ما سبق أجزاء من أحديثها في ملتقيات تيد و التي بلغت مجموع مشاهدتها حوالي الأربع ملايين مشاهدة، و بالأسفل واحدٌ منها. لعل رسالتها الأساسية هي: توقفوا عن الصد و الهرب، و كونوا بالمقابل ممتنّين لـكونكم معرضين!


تحرير: (إخلاص الصاعدي)
زر الذهاب إلى الأعلى