في ضرورة القراءة ومنافعها كما يتحدث رديارد كيبلنغ، مؤلف كتاب الأدغال
رديارد كيبلنغ (1865 – 1936)، كاتب وشاعر وقاص بريطاني ولد في الهند البريطانية. من أهم أعماله (كتاب الأدغال) 1894. كما ألف العديد من القصص القصيرة، منها الرجل الذي اصبح ملكاً 1888. حصل هذا الكاتب على جائزة نوبل في الأدب سنة 1907 وبذلك يكون هو أصغر حائز على الجائزة، وأول كاتب باللغة الإنجليزية يحصل عليها.
في كتاب (داخل المكتبة .. خارج العالم)، والذي قدّم فيه المترجم السعودي الشاب (راضي النماصي) عددًا من النصوص والمقالات، التي ترجمها إلى العربية، ينقل عن (روديارد) كلماته التالية:
هناك فكرةٌ – أو لنقل كانت هناك – تقول بأن القراءة بحد ذاتها عملٌ مقدس. شخصيًا لا أتفق معها تمامًا، لأني أرى وجود شخصٍ مولعٍ بالقراءة فقط دون سبب يثبت أحد أمرين: إما كسله، أو أنه مجهدٌ من كد المعيشة، ويود الراحة بصحبة كتابٍ ما. ربما يكون فضوليًّا ويود أن يتعرف على الحياة قبل خوض غمارها، ولذلك يندمج في أي كتاب تقع يداه عليه لكي يفهم ما يحيره أو يرعبه أو يثير اهتمامه.
من الصعب الآن أن أقول بأهمية الأدب لدى حياة الرجال و الأمم، ولكن الرجل الذي يريد اقتحام الحياة دون معرفة شيءٍ عن آداب بلاده و لا إحاطةٍ بالكتب الكلاسيكية و لا تقديرٍ لقيمة الكلمات مقعدٌ بقدر من يريد إجادة رياضة دون أن يعرف أساسياتها، فهو لا يعرف عظماءها و بالتالي لايجد طموحًا يريد الوصول إليه. لدي كتابٌ في البيت، ويحتوي على ملخصاتٍ مرفقةٍ بصورٍ حول جميع الآلات مستمرة الحركة خلال القرنين الماضيين. الغرض من تأليف هذا الكتاب هو توفير حلول المشاكل للمخترعين، وقد كتب المؤلف في المقدمة : “إن أحد أكبر أخطاء العقل هو الثقة بأن كل أخطاء تصاميم الآلات الميكانيكية – وخصوصًا الحوادث – قد حصلت للمرة الأولى. أكبر حماقات المخترع هي تجاهل المخططات السابقة بالإضافة إلى انعزاله عن الحياة” .
وهذا بالضبط هو حال من لايقرأ الأدب، فهو جاهلٌ بكل ما سبقته من خططٍ في هذه الحياة. أجدر بمثل ذلك الشخص ألا يضيع وقت وصبر أصدقائه – أو حتى يهدد سلامة مجتمعه – بالقيام بأمرٍ خطر في باله أو بال جاره، سبق و أن جُرب ووضع جانبًا قبل ذلك الوقت بألف سنة، والذي كان يمكن أن يطلع على رسومه و بياناته – إن شئنا التقريب- بمجرد أم كلّف على نفسه و قرأ.
ثم يتابع قائلًا:
أحد الأشياء التي يصعب إدراكها – خصوصًا من الشباب – هو أن أسلافنا قد علموا ببعض الأشياء حينما كانوا على قيد الحياة، وربما عرفوا أشياء في غاية الأهمية. والحق أقول بأني لن أتفاجأ فيما لو كان ما يهمهم في حياةٍ سالفةٍ هو ما يهمنا الآن. ما ينساه كل جيلٍ هو أن الكلمات التي تصف الأفكار تتغير على الدوام، بينما الأفكار ذاتها لا تتغير بنفس الوتيرة أو تتجدد.
وإذا لم نول اهتمامًا للكلمات مهما كانت، فربما نكون في مكان أولئك الذين يريدون اختراع محركٍ دون النظر في المخططات و المحاولات السابقة، ويتفاجأ بفشل محاولته.
إذا تجاهلنا الكتب الكلاسيكية للغاتنا و ركزنا على الكتب المعاصرة، سنصل إلى اعتقادٍ بأن العالم لا يتقدم إلا إذا أخذ بالتكرار. في كلا الحالتين سنتوه، وما يهم هو أن يتيه الآخرون وليس نحن. بالتالي، فإن الأفضل لنا أن نهتم بقراءة منجزنا الأدبي عبر كل العصور، وذلك لأن الشخص حين يقرأ لما كتبه الناس منذ زمنٍ سيفهم أن ما يُكتب الآن هو الأفضل .
بقلم: أسماء النهدي ترجمة: راضي النماصي تحرير: وجدان الوعل