آليات الكتابة، ونصائح في التعبير

يوسا، إيروس، والرواية

يوسا

ماريو بارغاس يوسا، ولد في عام 1936، روائي وصحفي وسياسي.

الأدب الخيالي لا يعيد إنتاج الحياة، بل هو ينفيها بأن يضع في مواجهتها خدعة توهم بأنها تحل محلها..

يغوص الكاتب العالمي البيروفي، الحائز على جائزة نوبل في الآداب لعام 2010، بتعانق الإبداع والنقد في شخصيته الروائية الفذة، في عالم الرواية ببحوره الشاسعة، وتجليات مبدعيها العظام الذين عبروا التاريخ وعبَّروا عن الإنسانية، من خلال روايات كبرى/ علامات روائية كُتبت في خلال القرن العشرين، وأثرت تأثيرا كبيرا في مسيرة الفن الروائي، حيث تتجسد من خلال تلك النماذج المقروءة بوعي الفنان المبدع، الرؤية الرئيسة لهذا المتن الإبداعي النقدي، الذي يحوي بين ضفتيه عددا من النماذج الراسخة في ضمير تاريخ الأدب والرواية خاصة، تعالج حالة من حالات الاحتياج الإنساني متمثلة في “الإيروسية“، والتي يرجع أصلها كمصطلح في الميثولوجيا الإغريقية، إلى “إيروس” وهو الإله المسئول عن الرغبة، الحب، الجنس، وعُبِدَ كإله للخصوبة، والتي تبدو في هذا السياق كملمح من الملامح الرئيسة التي تجمع البشر، والتي يقدمها يوسا في مقدمة الطبعة العربية المترجمة عن الأسبانية، والتي قام بها المترجم التونسي وليد سليمان، لكتابه: (إيروس في الرواية)، قائلا:

إن هذه المقالات هي، قبل كل شيء، رسالة حب واعتراف بالجميل لأولئك الذين عشت،  بفضل كتبهم، خلال فتنة القراءة، في عالم جميل، متماسك ومفاجيء وكامل تمكنت بفضله من فهم العالم الذي أعيش فيه بشكل أفضل ومن إدراك كل ما ينقصه أو يكفيه ليكون قابلا للمقارنة مع هذه العوالم الرائعة التي يخلقها الأدب العظيم..

ولوجًا إلى عالم الإيروسية في الكتابة الروائية، والتي تتباين محاورها من خلال الطرح الروائي لهذه الاختيارات الحاسمة في تاريخ رواية القرن العشرين، والذي كان يعج بالمزيد من الصراعات والأيديولوجيات المتناحرة والحروب العظمى، من خلال أحداثه الجسام التي ساهمت بشكل كبير في تغيير خريطة الوعي الإنساني والاجتماعي والاقتصادي، ومن ثم النفسي، كما عانقت المزيد من المذاهب الفكرية والثقافية الجديدة، والتقليدية الراسخة على حد السواء، فمن منطلق الإيروسية:

“تجربة داخلية مرتبطة بالرغبة والشغف والنشوة، والتي تأخذ شكلاً جسدياً أو عاطفياً أو روحياً بحسب تعريف (جورج باتاي) لها، تبدو تمردا على السائد والمألوف، كما تقدم هنا عبر الإبداع الروائي كفن يمتلك سلطة الرصد وطرح القضايا المصيرية الممتدة في عمق التاريخ وعمق حياة البشر، ومن ثم محاولة التأويل وإعادة سبر الغور، بمحاولة التماهي مع الواقع والتماس معه بصورة مغايرة في ذات الوقت حيث الرواية دائما تقدم بحسب (أنطونيو جرامشي):

صورة مغايرة بمتخيلها للتاريخ والواقع، ناقدةً الخطاب السائد ومتمثلةً خطاب المسكوت عنه والمقموع. ويمكننا أن نشبّه الخطاب الرسمي بالسلطة التي تفرض نفسها بمختلف الطرائق من عنف ورقابة ومن هيمنة متغلغلة في الثقافة.

والذي يدعو من خلال سبر غوره للعلاقة بين الرواية والمفهوم الإيروسي، بقوله على خلفية الصراع بين الواقعي والمتخيل والتقليدي في بنية الرواية التي تعالج مثل تلك المسائل المصيرية القامعة للحس الإنساني بما عليه من قيود، وما له من تطلعات آسرة إلى كل ما محظور ومحرم:

لهذا علينا أن نقوم بتحليل النصوص الروائية كي نكشف عن مدى تجاوزها للتقاليد البطركية وكيف تقوم بانتهاك محرمات السائد لتقدم رؤية بديلة.

زر الذهاب إلى الأعلى