العلوم البشرية والاجتماعية

“النسوية بالمعنى القديم قد انتهت”. محاضرة الكاتبة البريطانية (دورثي سايرز) في الجمعية النسائية في بريطانيا

"النساء، كنساء، يردن شيء معين، لكن كبشر، يا سادة، هن يردن ما تريدونه: وظيفة جيدة، حرية معقولة يتمتعن بها، ومتنفس عاطفي"

في عام 1938، ألقت الكاتبة البريطانية (دورثي سايرز) في الجمعية النسائية في بريطانيا محاضرةً بعنوان “هل النساء بشر؟”، تلبيةً لدعوة الجمعية التي ظنت ان سايرز لها علاقة بالنسوية. لكن (سايرز) نفت هذا في مقدمة المحاضرة وقالت:

 لا اعتقد أنني أريد ان أربط نفسي بالنسوية، فالنسوية بالمعنى القديم قد انتهت. واعتقد ان ضرر “النسوية العدوانية” الآن، تحت الظروف الحالية، هو أكثر من نفعها.

لم تكن النسوية من اهتمامات الكاتبة ولم تتحدث عنها كثيرًا في المحاضرة كما كان متوقع. كان اهتمامها وموضوعها الأول هو الإنسانية التي تجمع المرأة والرجل وهذا ما ينبغي للجميع ان يركز عليه. في حديثها عن المساواة بين الجنسين قالت:

موضوع المساواة هو مثل جميع المواضيع المؤثرة في العلاقات الإنسانية، حساس ومعقد، ولا يمكن حله بشعارات مثل “المرأة قادرة تماما مثل الرجل”

 في رأي الكاتبة، مثل هذا الشعار هو عادة مجرد رد فعل تجاه شعارات مٌهينة مثل “المرأة إناء ضعيف”، المقتبس من النصوص المسيحية، أو “المرأة مخلوق مقدس”، وليس له معنى حتى نضيف “قادرة في ماذا؟”. فجنس المرأة لوحده لا يحدد إذا هي قادرة أو لا، لأن المرأة انسان ولها كفرد قدرات تخصها. التركيز على جنس المرأة وتنميط اهتماماتها هو خطأ يقع فيه الكثير ومن ضمنهم النسويات. 

 المرأة إنسان طبيعي مثل الرجل … ولها الحق كفرد في أن يكون لها رغبات واهتمامات تخصها. وما يؤذي أي إنسان هو رؤيته دائمًا كعضو من جماعة فقط وليس كفرد مستقل.


 وعن سؤال “ماذا تريد المرأة”، قالت (سايرز): 

السؤال الذي احتار في إجابته الرجال منذ بدء الخليقة هو “ماذا تريد النساء؟”. لا أعرف إذا النساء، كنساء، يردن شيء معين، لكن كبشر، يا سادة، هن يردن ما تريدونه: وظيفة جيدة، حرية معقولة يتمتعن بها، ومتنفس عاطفي.

 (سايرز) لا تنفي أهمية الاختلاف بين النساء والرجال لكن أهميته تكمن في تأديته لغرض معين فقط.

هناك اختلاف أساسي بين النساء والرجال، لكنه ليس الاختلاف الوحيد في العالم … الاختلاف في العمر هو أيضًا أساسي ومثله الاختلاف في الجنسية. لكن هذه التصنيفات، إذا أصرينا عليها بشكل يتجاوز الغرض الذي تؤديه، ستكون سببًا في خلق عداوة وفوضى في الدولة، ولذلك هي خطيرة … إذا أردتم أن تحتفظوا بديموقراطية حرة، فأن عليكم الاهتمام بالفرد وليس بالتصنيفات التي ستحولكم الى دولة شمولية.

بالنسبة لـ(سايرز)، الإنسان لم يٌخلق إلى للعمل وترجع أهمية العمل عندها إلى خلفيتها الدينية. في تعليقها على مقولة” مكان المرأة هو المنزل”، قالت:

 الحضارة الحديثة أخذت كل الأعمال والنشاطات المربحة والممتعة من المنزل، والتي كانت المرأة مسؤولة عنها في الماضي، وسلمتها للمصانع التي يديرها وينظمها الرجال … لذا من الغباء أن نأخذ من النساء وظائفهن التقليدية ثم نتذمر عندما تبحث المرأة عن عمل. فالمرأة إنسان وكل إنسان بحاجة لأن يعمل.

عندما سألها رجل مرة عن القصص التي تكتبها وكيف نجحت امرأة مثلها في خلق محادثات طبيعية بين الرجال في قصصها، أجابت: “سبب نجاحي كان في جعل الرجال يتحدثون مثل البشر.”



بقلم: فاتن الدعجاني
زر الذهاب إلى الأعلى