رأي طه عبدالرحمن عن فلاسفة الإسلام
طه عبد الرحمن (مواليد 1944)، فيلسوف مغربي، متخصص في المنطق وفلسفة اللغة والأخلاق. حاصل على رسالتي الماجستير والدكتوراه من جامعة السوربون الفرنسية. ويعد أحد أبرز الفلاسفة والمفكرين في العالم الإسلامي منذ بداية السبعينيات من القرن العشرين.
في محاضرة للدكتور (طه) حملت عنوان “الاشتغال بفقه الفلسفة ضرورة علمية، لا خيار فكري”، يقول:
معلوم أن المسلمين اشتغلوا، منذ القرن الثاني من الهجرة، بالفلسفة، ترجمة وتأليفا، على اعتبار أن الفلسفة تشمل مختلف المعارف المحصَّلة، علمية كانت أو فكرية؛ وقد اتخذ هذا الاشتغال الإسلامي بالفلسفة اتجاهين اختلفا باختلاف هذه المعارف، فاتَّسم أحدهما بالعطاء والإبداع، وذلك في مجال المعارف ذات الصبغة العلمية مثل “الرياضيات” و”الطبيعيات” و”الطب”؛ في حين اتَّسم الاتجاه الثاني بالتقليد والتبعية، وذلك في مجال المعارف ذات الصبغة الفكرية مثل “ما بعد الطبيعة” و”علم الأخلاق” و”علم السياسة”؛ وفي هذا مفارقة واضحة، حيث إن الأصل في المعرفة الإسلامية أن لا تقل فيها مكنونات المجال الفكري عن ممكنات المجال العلمي، بحكم صلتها بدين جديد جاء للعالمَين بمبادئ وقيم مُميَّزة تفتح للفكر الإنساني آفاقا غير مسبوقة.
وفي كتابه (حوارات من أجل المستقبل)، يقول:
وظل الاشتغال بالفلسفة مَبْعث الشبهات ومثار الاعتراضات؛ فعلى مستوى العقيدة، حاول بعض الفلاسفة، بحجة الاستناد إلى المنطق البرهاني، إثبات أفكار تخالف الشرع الإسلامي، أما على مستوى اللغة، فقد سلك بعضهم مسالك في التعبير تَخْرُج عن عادات العرب في البيان والإيجاز؛ وأما على مستوى المعرفة، فقد تكلم بعضهم في أمور ليس تحتها عمل ولا وراءها منفعة ولا تستند إلى أصول الشرع.
أما في كتابه (بؤس الدهرانية)، فقال فيه:
فهؤلاء الفلاسفة على غزارة علمهم وسعة عطائهم، لم يخوضوا إلا بحر “الفلسفة اليونانية” التي تقوم على عقلانية التجريد، واكتفوا من قضايا الإسلام بمناقشة التوفيق بين بعض إشكالات هذه الفلسفة وبين الدين الإسلامي، قبولا أو ردّا؛ لذلك، فإن إطلاق اسم “الفلسفة الإسلامية” على مجموع إنتاجهم، على فائدته بالنسبة لعموم الثقافة التي احتضنها المجتمع الإسلامي، لا يستقيم على الأصول الإسلامية لهذه الثقافة، إلا أن يكون من باب التجوُّز، اعتبارا لكون أرباب هذا الانتاج من المسلمين حتى ولو أشربت قلوبهم بفلسفة غير إسلامية.