المعرفة التي لا تكل عند إدوارد سعيد
المفكر والناقد الأمريكي فلسطيني الأصل (إدوارد سعيد) يتحدث في كتابه (صور المثقف)، والذي تُرجم إلى العربية بعنوان (المثقف والسلطة)، عن دور المثقف خارج السلطة واستقلاله.
مراقبة شؤون عامة و هي في حالة يرثى لها، بينما المرء خارج السلطة، ليست على الإطلاق نشاطًا رتيباً لا يرى إلا لونًا واحدًا، بل تقتضي ضمناً ما أسماه (فوكو) “معرفة واسعة لا تكل” تنقب عن مصادر بديلة وتخرج الوثائق من ظلمات قبورها، وتحيي مؤلفات في التاريخ نسيت (أو تقرر التخلي عنها).
كما تستلزم هذه المراقبة حِسًا، كذاك المتوافر عند القادر على تحريك العواطف، وعند العاصي المتمرد، بحيث يستفيد المرء إلى حد بعيد من الفرص النادرة المتاحة للكلام، ويستحوذ على انتباه الجمهور، ويتفوق على منافسيه في سرعة الخاطر والمناظرة.
وثمة أمر مقلق على نحو جوهري لدى المثقفين الذين لا مناصب لهم يحملونها ولا مناطق نفوذ يعززونها ويحرسونها، ولذا فهم يميلون إلى السخرية من الذات ولا يلجؤون كثيراً إلى التباهي، والصراحة تغلب عندهم على المراوغة والمواربة. لكن لا مجال لتفادي واقع لا مفر منه، وهو أن مثل هذه الأفكار التي يمثلها المفكرون لن تجعلهم أصدقاء لذوي المراكز الرفيعة ولن تكسبهم الحفاوة والتكريم من الرسميين. نعم، إنها لحالة من الوحدانية الموحشة لكنها دائماً الأفضل من تحمل الأمور على علاتها رغبة في مسايرة الجموع.
تحرير: (فهد الحازمي)