تيري إيجلتون و السؤال عن معنى الحياة
استهل تيري إيجلتون الناقد الماركسي البريطاني (المولود في 22 فبراير 1943) كتابه “معنى الحياة” بمقدمة نقدية لإستخداماتنا اللغوية، و منها استخدامنا للغة عند السؤال. فسؤال “ما معنى الحياة ؟” يثير إستغراب إيجلتون فهو سؤال لا يبدو سؤالا مباشرا و إنما سؤال يعتمد على اعتبارات لغوية مثل ما يسميها إيلجتون “قضية المعنى” فما معنى أن نسأل عن معنى شئ معين. يعلق تيري على سؤال معنى الحياة قائلا:
للوهلة الأولى، يبدو سؤال “ما معنى الحياة ؟” شبيهًا بذلك النوع من الأسئلة على غرار “ما عاصمة ألبانيا ؟” أو “ما لون العاج ؟” و لكن هل هو كذلك حقًا؟ أو هل يمكن أن يكون أقرب إلى سؤال من نوع ” ما مذاق الهندسة ؟ “
فقضية المعنى مسألة لغوية تماما بالنسبة لإيجلتون و ليست مسألة شيئية ، إنها مسألة أسلوب ، الأسلوب الذي نتحدث به عن الشئ و ليست سِمة من سمات هذا الشئ في حد ذاته مثل خواصه الطبيعية. يستطرد الناقد الثقافي الإنجليزي قائلا:
فنبات الكرنب أو جهاز رسم القلب ليس لهما معنى في حد ذاتهما؛ و يصبحان هكذا فقط من خلال وجودهما في حديثنا عنها. و بناءً على هذه النظرية، يمكننا أن نضفي على حياتنا معنى من خلال حديثنا عنها؛ و لكن لا يمكن أن يكون لها معنى في ذاتها، شأنها شأن سحابة في السماء. فلن يكون منطقيا – على سبيل المثال – أن تتحدث عن سحابة باعتبارها إما حقيقية أو مزيفة. فالحقيقة و الزيف هما في الواقع وظائف لافتراضاتنا البشرية عن السحب.
أما سؤال ” ما معنى الحياة ؟ ” بالتحديد هو سؤال أقل أهمية من سؤال ” لماذا يوجد أي شئ على الإطلاق بدلاً من لا شئ ؟ ” فلماذا يوجد أي شئ يمكننا أن نتساءل ماذا نعني به من الأساس؟ علماء اللاهوت لا يجدون حرجًا ولا اختلافا في الإجابة عن هذا السؤال بالإله فهو صانع كل شئ وهو سبب وجوده و معناه. لكن تيري إيجلتون يجد إشكالية في هذه الإجابة ؛ من حيث هي تعيدنا لسؤال ” كيف نشأ الكون ؟ ” و هذا السؤال بالإمكان اعتباره سؤالا عن السببية. فإن وجدنا لسؤال كيفية نشأة الكون جوابًا فهو بالتأكيد سيكون جزء فقط من كل شئ ، هذا بغض النظر عن الغاية من الخلق. يقبتس تيري إيجلتون للفيلسوف الألماني الكبير لودفيج فيتجنشتاين بعض الأفكار محاولا توضيح بعض الغموض الذي يلف سؤال ما معنى الحياة أو سؤال لماذا يوجد شئ بدلا من العدم:
إن السؤال ” لماذا يوجد أي شئ بدلا من لا شئ ؟ ” هو بالأحرى تعبير عن الدهشة من وجود عالم من الأساس، في حين أنه كان يمكن ألا يكون هناك أي شئ ببساطة. و لعل ذلك جزء مما كان يدور في ذهن لودفيج فيتجنشتاين حين أشار إلى أن الغموض لا يكمن في كيفية نشأة العالم ، و لكن يكمن في وجوده أصلا !