الزمن عند جوستاين غاردر
(جوستاين غاردر) هو كاتب نرويجي ولد سنة ١٩٥٢، ويعمل أستاذًا في الفلسفة وتاريخ الفكر، وهو يمارس الأدب والتعليم معًا. اشتهر بكتابته للأطفال بمنظور القصة داخل القصة. في روايته الفلسفية الرائعة المفعمة بالفانتازيا (سر الصبر)، يتحدث (غاردر) على لسان الأب الذي يتحدث لابنه (هانس – توماس) عن فكرته عن الزمن، فيقول:
تخيل طفلاً صغيرًا يبنى قصرًا فى حوض من الرمل. إنه لايتوقف عن بناء شيء يعجب به للحظة قصيرة قبل أن يدمره بعدها مباشرة ليبدأ من جديد. إن الزمن يلعب بالكوكب برمته مثلما يلعب ذلك الطفل بالرمل.
حسنًا، هنا يكتب تاريخ العالم: أحداث مهمة كانت منقوشة فى الصخر ثم مُحيت من جديد. إن الحياة تغلي على هذه الأرض كما لو كانت فى قدر الساحرة فى يوم ما تكوّنا نحن أيضاً على غرار أسلافنا. عندما هبت ريح التاريخ تجسدنّا، بعد ذلك تتوقف الريح وسنتوقف نحن معها.
إنها تجعلنا نظهر ونختفى كما السحر. وهناك دائماً شىء ما فى حالة كمون ينتظر أن يأخذ مكاننا إذ ليس لدينا أرض صلبة تحت أقدامنا ولا حتى رمال فنحن هي الرمال.
وحول ما إذا كنا نستطيع أن نتغلب على الزمن، يقول:
نحن لانستطيع أن نفلت من قبضة الزمن باختبائنا فى مكان ما. نحن نستطيع أن نفلت من الملوك أو من الأباطرة وربما حتى من الله، لكننا لانفلت أبداً من قبضة الزمن، إن الزمن يرانا فى كل مكان إذ أن كل ما يحيط بنا هو منقوش فى هذا العنصر الذى لايعرف الثبات.
إن الزمن لا يمضى يا (هانس – توماس) كما أن الزمن ليقول تيك – تاك فنحن الذين نمضى والساعات هى التى تقول تيك – تاك . كما أنه من الواضح والحتمى أن تشرق الشمس من الشرق وتغرب من الغرب كذلك فإن الزمن يلتهم نفسه عبر التاريخ. إنه يقوّض الحضارات الكبيرة وينخر الأوابد العتيقة ويفترس الأجيال بعضها بعد بعضها الآخر و لهذا نتحدث عن “أثر الزمن” إذ أن الزمن يلتهم ويلتهم بينما لانُمثّل نحن منه إلا غرزة سِن واحدة.
تحرير: أحمد كانو مراجعة: مشاعل سلطان