التأليف عند فرجينيا وولف
تعد الكاتبة الإنجليزية (فرجينيا وولف) أحد أيقونات الأدب الحديث للقرن العشرين، كما اشتهرت أعمالها على مستوى العالم وتم ترجمتها إلى ما يزيد عن خمسين لغة.
ومن أهم أعمالها كتاب “غرفة تخص المرء وحده” فعلى صغر حجمه وبساطة رسالته، والتي كثيراً مّا اختزلت في جملة واحدة تقول: ” إذا أرادت امرأة الكتابة فيجب أن تكون لها غرفة، و دخل منتظم مهما كان ضئيلاً”. إلا أن تلك النتيجة البسيطة والتي تنطبق على كل مبدع أياً كان جنسه، تؤصّلها فرجينيا في حالة النساء بالذات تأصيلاً مرهفاً إلى أبعد حد، و بنفاذ بصيرة فائق عبر ما يزيد عن المائة صفحة، متملية متفحصة، وفي الأساس متسائلة، عن المعوقات والتوقعات والظروف الاجتماعية التاريخية التي أقعدت و أحبطت جهود النساء في إثبات ذواتهن و الإفصاح عن رؤيتهن للعالم.
لأن التأليف عملية دقيقة وعميقة كما تذكر فرجينيا وولف في كتابها:
… التأليف -بمعنى العمل الإبداعي- ليس حصاة تلقى على الأرض، مثل العلم ربما؛ إنما العمل الإبداعي مثله مثل خيوط العنكبوت؛ قد يكون اتصاله بالحياة بخفّة متناهية ولكنه متصل بها من كل ركن من أركانه الأربعة. و قد يكون اتصاله بالكاد محسوساً؛ فمسرحيات (شكسبير) على سبيل المثال تبدو وكأنها كاملة متكاملة في نفسها ولكن إذا جذبنا الخيوط عن جنب ورفعناها إلى أعلى ومزّقناها في المنتصف لتبيّن لنا أن تلك الخيوط العنكبوتية لم تغزلها مخلوقات بلا أجسام وتركتها معلقة في الهواء، و إنما هي من عمل بشر: تألّموا وارتبطوا بأشياء مادية ملموسة مثل الصحة والمال والبيوت التي نحيا فيها.