العلوم البشرية والاجتماعية

رؤية نبيل راغب للغيبوبة العربية

نبيل راغب ناقد وكاتب ومفكر وأديب مصري معاصر، عمل كمستشار لوزير الثقافة في مصر من عام 1969 إلى 1973.

ذكر في كتابه (الغيبوبة العربية) حالة الركود الفكري والعلمي في العالم العربي ووصفها من منظوره قائلاً:

إن معركة العرب الحقيقية ليست مع الآخر، ولكنها أولاً وقبل أي شيء آخر مع الغيبوبة العقلية التي تجعل الأمة كلها سيارة بلا محرك.

إنها معركة مع العدو الخبيث المراوغ القابع في أعماقنا، مع العقل الذي فقد الاتجاه والرؤية والمنطق، وقادنا إلى طرق مسدودة، وحلقات مفرغة، ومتاهات جانبية لم نجد فيها سوى السراب والوهم والضياع، فأصبحنا في عيون العالم مجرد مخلوقات غريبة تسير على غير هدى، تتراوح صرخاتها بين جنون الاضطهاد وجنون العظمة.

إنها معركة تسعى لتحرير العقل العربي من سجنه المعتم الخانق، وتؤسس للمدرسة دورها التنويري والحضاري المطلوب، و تعيد للفكر والفن والسياسة و الاقتصاد و الاجتماع والإعلام وكل مناحي الحياة أدواراً ومسئوليات أصبحت ضائعة، ومتميعة، ومبعثرة، وشائهة، بحيث يصعب على أي دارس أو محلل أن يبلور ملامحها الغامضة.

إنها معركة تُعيد للعقل العربي منطقه الغائب المغيّب.

أما فيما يخص الغيبوبة العلمية التعليمية فأكمل قائلاً:

تتجلى الغيبوبة العقلية العربية في أن معظم الدول العربية تصر على توجيه قدرات الطالب التعليمية للداراسات والتخصصات المهنية في المدارس الثانوية والكليات الجامعية والمعاهد العليا بناء على المجموع الكلي للشهادات العامة.

و هذا أسلوب متخلف وضيق الأفق وغير تربوي إذ أثبتت الأبحاث العلمية فشله وعجزه عن تحديد مسارات التفوق التي يمكن أن تصل إلى مستوى العبقرية، بالإضافة إلى تسببه في تبديد عائد تكلفة العملية التعليمية والتي تعد عملية استثمارية قومية وحضارية من الطراز الأول، وليست مجرد حشو للعقول بمعارف ومعلومات قد تكون منفصلة تمامًا عن وظيفة الشخص وحياته العملية.

كما أن المواهب والميول هي المؤشرات التي تحدد طبيعة المجالات العامة والخاصة التي يحبها الفرد أو لربما تعثّر في إيجادها نتيجة الضغوط الاجتماعية التي شوّشت عقله وفكره.

وقد تصل الغيبوبة العقلية إلى ربط الشهادة العلمية أو الجامعية بالطبقة الاجتماعية التي يحلم صاحبها بالانتماء إليها، أي أنها في حقيقتها شهادة جدارة اجتماعية أكثر منها شهادة جدارة علمية.


بقلم: أحمد كانو

تحرير: منى كنعان

أحمد كانو

مدون حر ، مهتم بالفلسفة و السياسة و التاريخ
زر الذهاب إلى الأعلى