الألم مُحفز للتغيير، برأي أندرو ماثيوز
(أندرو ماثيوز) كاتب ومحاضر في مجال تطوير الذات ورسام كاريكتير محترف. درس في (رابطة طلاب الفنون الجميلة) بنيويورك. تتميز كتبه بالبساطة وتقديم الحلول العملية، كما أنها تحتوي على العديد من الرسوم الكاريكاتيرية التي تجعلها أكثر جاذبية ومتعة. حققت كتبه أفضل مبيعات في أمريكا وأروبا وأستراليا، كما تُرجمت إلى 42 لغة. في كتاب (كن سعيدا ً) قدم ماثيوز بلغة سهلة نصائح حياتية شاملة ومتنوعة تتخللها أمثلة وقصص واقعية تُساعد القارئ على فهم نفسه وتوجيهها، حتى يرى الأمور بطريقة إيجابية أكثر.
أحد المواضيع التي تحدث عنها ماثيوز في كتابه (كن سعيدا ً) هو الألم. وهو شعور لابد أن يتعرض له الانسان في حياته، وسواء كان الألم عضوي أو عاطفي فإن له جانب إيجابي. نظرة الانسان الى الألم وطريقته في التعامل معه تختلف من شخص الى أخر والتنبه الى الجانب الإيجابي من الألم هو أمر صعب.
إذا كنت تتحاور مع (جون براون) بعد أن أمضى الساعة ونصف الساعة عند طبيب الأسنان وقلت له: “أليس الألم شيئا ً رائعا ً” فربما يشك جون وقتها في أنك مجنون. وبنفس الطريقة، إذا كنت في المطبخ وحرقت إصبعك فربما يكون من الصعب أن تُقَدر مدى إيجابية هذا الألم.
ولكن دعنا نفترض أنك لم تشعر بالألم على الإطلاق فمن الممكن أن تستند إلى سطح ساخن لمدة عشرين دقيقة ولا تشعر بذلك إلا بعد أن تستدير وترى أن ذراعك قد أصبحت متفحمة. فإذا لم تكن تشعر بالألم فمن الممكن أن تصل الى البيت من العمل وعند انحنائك لتخلع حذاءك تقول: “يا إلهي! لقد فقدت نصف قدمي اليسرى. لابد أنها قطعت في مكان ما. هل فقدتها عند باب المصعد أم أن هذا له علاقة بكلب جاري (الدوبر مان)؟ اعتقد أني لم أكن أمشي بطريقتي المعتادة هذا المساء“.
إن الألم العضوي له ناحية إيجابية. فهو تغذية استرجاعية مستمرة؛ لتخبرنا بما يجب أن نفعله وما لا يجب أن نفعله.
فعندما نفرط في تناول الطعام أو لم نستطع أخذ قسط كافٍ من النوم أو إذا كنا نشعر ببعض الإرهاق أو أصبنا بكسر ونحتاج إلى الراحة. فإن نظامنا الذاتي الرائع سوف يطلق جرس إنذار لندرك ذلك.
وينطبق هذا على تجاربنا العاطفية المؤلمة. فإذا جُرحت عواطفنا؛ تَصلنا رسالة معلنة عن حاجتنا لتغيير مسارنا أو حاجتنا لرؤية الأشياء من منظور مختلف. وإذا جُرحت مشاعرنا، وخذلنا شخص ما مقرب لنا في الحياة فقد تكون الرسالة وقتها: “أحب هؤلاء الأشخاص في حياتك دون أن تنتظر منهم شيئا ً، وتقبلهم على حالهم، ولتأخذ منهم فقط ما يريدون إعطاءك إياه دون اعتراض أو طلب المزيد“. وقد تكون الرسالة البديلة لهذه: “لا تدع تصرفات الأخرين تؤثر على تقديرك لذاتك.“
التعلم من التجارب المؤلمة هو طريق للتغيير الإيجابي.
إذا احترق منزلك أو سرق أحدهم سيارتك فسوف تشعر بأحاسيس مزعجة. فهذا أمر طبيعي ويشعر به البشر كافة. وإذا اخترت أن تتعلم من الموقف فستعرف جيدًا أنه يمكنك أن تحيا في سعادة دون هذه الأشياء التي كنت مرتبطًا بها للغاية؛ فمثل هذه التجارب العاطفية يمكن ان تعيد ترتيب أولوياتك في الحياة. ولا أعني بذلك أنه يجب أن نعيش بلا منازل أو بلا سيارات. ولكن ما أريد قوله هو أن الأشخاص الناجحين هم الذين يتعلمون من مثل هذه التجارب، ويعيدون ترتيب أنفسهم ليتماشى ذلك مع الوضع الجديد، وبهذا تصبح الشدائد أقل ألمًا.
الخلاصة
إن الألم يجعلنا نتأمل ونفكر، فهو يغير اتجاهانا ويحثنا على أن ننظر للأمور بشكل مختلف. فالألم العاطفي مثله مثل الألم الجسدي، فإذا تصرفنا بشكل غير لائق باستمرار، سوف نعرض أنفسنا بشكل مستمر للإيذاء. يمكن أن تقول: “حسنًا، لا يجب أن أتأثر بهذا، فأنا لا أريد أن أتأذى بذلك الأمر” ولكنه شيء مؤذ بالفعل. فهناك من يؤذون أنفسهم أربعًا وعشرين ساعة في اليوم وثلاثمائة وخمسة وستين يومًا في السنة. فهم لا يدركون أبدًا أنه قد حان الوقت ليبعدوا أيديهم عن هذه النيران التي تحرقهم.