معنى الصداقة عند د.زكي مبارك
د. زكي مبارك (1892 – 1952) هو أديب وشاعر وصحفي وأكاديمي عربي مصري، حصل على ثلاث درجات دكتوراه متتالية فلقبه البعض إثر ذلك بالدكاترة زكي مبارك. درّس في الجامعة المصرية لعدة سنوات وعمل مفتشا عاما للغة العربية. في كتابه (الحديث ذو شجون)، وهو عبارة عن عدد من المقالات نشرها في مجلة الرسالة وجريدة البلاغ وعدد من المجلات الأخريات، تحدث عن قيمة الصداقة وعن الصديق الحق، فيقول بدايةً:
الخادع المخدوع هو من يوهمه اللؤم، أو توهمه الحماقة، أن صداقات الرجال تنال بالرياء، وأن لطف المحضر يغني عن صدق المغيب.
الصديق الحق هو الذي يستطيع أن يغزو قلبك بأشعة روحانية، توحي إليك أنه أنيسك في النعماء وحليفك في الضراء، وأن وداده الصحيح هو القبس الذي تستضيء به عند اعتكار الظلمات.
الصديق الحق هو الذي يدرك بوضوح أن الصداقة تفرض عليه أن يكون سنادك في جميع الأحايين، وأن يؤاخي من آخاك، ويعادي من عاداك، ولو كنت على ضلال، وهل يستطيع الصديق أن يرى في صديقه غير كرائم المناقب، وروائع الخصال.
ليس بصديق من يرى عيوبك أو يسمع فيك أقوال مبغضيك، وليس بصديق من يجوز عنده أنك واحد من الناس يقترب إليه باسم الصداقة ويبتعد عنه باسم العقل، وليس بصديق من لا يراك في جميع أحوالك أشرف الرجال.
إن استباح الصديق أن يتعقب صديقه بالملام في جد أو في مزاح فهو عدو يلبس ثوب صديق.
ثم يقول مختتمًا مقالته:
كن صديقًا صدوقًا، ثم تجرد من سائر الفضائل إن شئت، فما يقيم الله وزنًا لغير أعمال الصديق الصدوق.