لماذا الأطفال هم أفضل الفلاسفة ؟ غاردر يجيب
في الرواية العالمية الرائعة “عالم صوفي” يتحدث جوستاين غاردر عن سر الدهشة عند الأطفال وعلاقتها بالفلاسفة.
هل قلت لك مسبقاً ان الميزة الوحيدة اللازمة لكي يصبح المرء فيلسوفاً جيداً هي قدرته على الدهشة ؟ إن لم أكن قد قلتها فأنا اعيدها الآن : أن الميزة الوحيدة اللازمة لتصبح فيلسوفاً هي أن تندهش.
كل الأطفال يملكون هذه الملكة. لكن لا تكاد بضعة أشهر تمضي حتى يجدون أنفسهم مقذوفين في واقع جديد، ويبدو أن ملكة الدهشة هذه تضعف مع الكبر. لماذا؟ …
لنعد: لو أن مولوداً صغيراً عرف أن يتكلم، لكان عبّر بالتأكيد عن دهشته من الوقوع في عالم غريب. وحتى لو أنه لا يستطيع أن يتكلم، فيكفي رؤيته يشير بأصبعه إلى كل الأشياء ويمسك بفضول كل ما يقع تحت يده.
مع بداية كلامه، يتوقف. ويروح يصيح عو، عو ، بمجرد أن يرى كلباً. أما نحن الأكثر تقدما في السن فننظر إليه في عربته ونشعر بأن هذه الحماسة الفائضة تتجاوزنا. ونضيف بنبرة ضجرة “أجل ، نعرف أنه عوعو . لكن يكفيك الآن .. كن عاقلاً!” إننا لا نقاسمه تهلله فقد سبق ورأينا كلباً.
ربما يتكرر انفلات صرخات الفرح هذه مئات المرات قبل أن يصل الطفل إلى أن يلتقي كلباً دون أن يضطرب، وكذلك الأمر أمام فيل أو بقرة أو نهر .. الخ.
ولكن قبل ان يصبح الطفل قادراً على التكلم بشكل صحيح – وقبل أن يتعلم التفكير بطريقة فلسفية – يكون الكون أصبح عادة.