#رف_راضي روايات ونصوص الإبداعية مبنية على روايات أخرى أو ترد عليها
تسعة روايات ترد على روايات أخرى
يقرأ المرء رواية فيحبها أو يكرهها، وذلك إما للغتها وإما لأحداثها وإما لشخصياتها وإما لمضامينها الفكرية، وإما – في بعض الأحيان – لكل ذلك. لكن روائيي هذه القائمة ذهبوا إلى أبعد من ذلك بإعادة استنطاق شخصيات الرواية لتقول ما صمت الروائي الأول عن قوله، أو ليفترض مصيرًا آخر بقوة الخيال ليحكي عن احتمال آخر، ففي حياتنا الواقعية يوجد حدث واحد، بيد أن الحكايات بعدد من شهده، وللمتلقي أن يحكم بما يراه حقًا. فما بالكم بشطح الخيال؟
بحر ساركاسو الواسع، جين ريس
تفسح هذه الرواية المجال لإليزابيث كوسواي، السيدة روشستر فيما بعد في رواية «جين آيير» والعقبة الكؤود أمام تقدم أحداث الرواية بأفعالها المتطرفة، لتتحدث عن حياتها وعمّا شكّل شخصيتها وصولًا إلى لحظة حضورها في إحدى أشهر كلاسيكيات الأدب الإنجليزي على مر العصور، بصوت نسوي لا مراء فيه وينبئ عن وضع المرأة الفيكتورية في ذلك الزمن منذ اليفاعة حتى إغماضة العين الأخيرة.
عودة الأمير الشاب، أليخاندرو روميرس
على شاكلة الروايات الأمثولات [من قبيل «الخيميائي» و«النورس جوناثان ليفنغستون»]، يقيم الروائي حوارًا في الأخلاق بين عابر سبيل وشاب منهك من المسير في قمة الجدية والعمق عن الحياة وألغازها التي لا تنتهي، إذ ليس الشاب إلا أمير إكزوبيري الصغير المحبوب وقد شبّ عن الطوق واكتسب من خبرته ما اكتسب.
عودة الأمير الصغير، جان-بيار دافيتس
يمكن اعتبار هذه الرواية رسالة إعجاب طويلة بمؤلف «الأمير الصغير»، إذ يكتب الرواية له وعن لقاءه بالأمير الصغير، ثم العودة إلى الأرض وقراءة الكتاب المشهور عنه ثم تسليم العهدة فيما بعد إلى إكسوبيري، التي طلب الأمير الصغير منه إيصالها إياه، في سرد ممتع وإن ليس بقدر الكتاب الأصلي.
معارضة الغريب، كمال داوود
بعد سبعين عامًا من صدور أشهر رواية وجودية، يأتي كمال داوود ليضع القلم بيد أخ المقتول العربي الذي لم يذكر كامو اسمه حتى، فيضع له اسمًا وماضيًا ضنكًا على يد الاستعمار وحاضرًا لا يكف الشكوى بشأنه حتى تتبدى رغبة الكشف عن القاتل لا مسعىً لتحقيق العدالة وحسب بل طريقة لمقاومة الاستعمار بشكل ما على الصعيد الجمعي ولمقاومة هوية لم يخترها على الصعيد الفردي.
كلب أزرق ينبح بجوار السرير، محمد المطرفي
يترك إرنست همنغواي أشهر أبطاله، سانتياغو من «العجوز والبحر»، إلى النسيان بعد ملحمته الأشهر حول الحياة والسعي، فيعيش فيه الأخير حلاقًا في هافانا آنسًا بماضيه وليس له إلا الحكايا للعابرين، ويلتقي بالراوي فتحدث بينهما الحوارات بشأن الحياة والخلود وأمل الفرص الثانية، إذ يخبره على الدوام بأمنيته أن يعيده همنغواي إلى المخيلة الجمعية العالمية شابًا ويكتبه مثلما يتمنى.
البينيلوبية، مارغريت آتوود
يمكن للقارئ أن يعتبر هذه الرواية باسم بينيلوب وعنها وعلى لسانها، زوجة أوديسيوس الوفية تلك التي انتظرت عشرين عامًا، لكن بيد قارئ آخر أيضًا أن يراها ناطقة باسم الإناث جميعًا؛ إذ تتكلم عن حياتها الشخصية منذ الطفولة المهددة بنبوءة عراف ثم زواجها الذي كانت تترقب فيه كل جديد وعن طبيعة مشاعر المرأة وتجربتها العاطفية، ثم تسلم الحكي للخادمات المقتولات على يد زوجها فيحكين غياب العدل في ظل الصمت المفروض وعن مدى اشتراك الصامت باختياره في أي جرم كان، ولو لم يشارك مباشرة فيه.
المخوزق، أشرف فقيه
بأجواء شرقية جدًا وبناء بوليسي أصيل، يحكي فقيه حكاية قوامها أن العنف لا يجلب يومًا إلا العنف، وأن الثأر لا يموت بالصمت، وأن التلقي الغربي لم يكن مجحفًا وحسب بشرق إسلامي، بل بالشرق كله؛ إذ جعل من أحد أشد حكّام أوروبا ترويعًا محض شرير ظريف، بل وسيم في بعض إصداراته الفنية والترفيهية، في مقابل دراسة نفسية-تاريخية معمّقة عن تكوّن الشر في النفس البشرية في ثنايا «المخوزق».
مسك التل، سحر الموجي
تجمع سحر الموجي هنا ما بين أمينة من ثلاثية القاهرة بقلم نجيب محفوظ [«السكرية» و«بين القصرين» و«قصر الشوق»] وكاثرين من «مرتفعات وذرنغ» رغم التناقض الواضح في شخصيتيهما مع طبيبة نفسية اسمها مريم لتروي لنا حكاية قوامها أسطورة النداهة في المخيال الشعبي المصري وفحواها عن الموت والحياة وصنع الإنسان مصيره إما بالتسليم وإما بالتغيير.
الخصم، كويتزي
يكتب كويتزي هذه الرواية منتصرًا لشخصيتين هامشيتين، أولاهما سوزان بارتون،والتي تقدم كروزو على غير المألوف في الرواية الأصل، والثاني فرايداي مقطوع اللسان ومن يستحيل التواصل معه إلا باللحاق ومعرفة فحوى إشاراته في ما بعد، في حكاية عن سلطة الكلام واجتماع الروايات لتكوين الحكاية بكل زواياها.