الخبر الديني عند د.طه عبدالرحمن
طه عبد الرحمن، فيلسوف مغربي، متخصص في المنطق وفلسفة اللغة والأخلاق. حاصل على رسالتي الماجستير والدكتوراه من جامعة السوربون الفرنسية. ويعد أحد أبرز الفلاسفة والمفكرين في العالم الإسلامي منذ بداية السبعينيات من القرن العشرين. يتكلم في كتابه (سؤال الأخلاق) عن المنظومة الدينية فيقول:
حقيقة الدين أنه أشبه بالمؤسسة منه بالنظرية ، بل هو أصلاً مؤسسة ، ومقتضى المؤسسة أن تكون مجموعة أحكام ومعايير تحدد كيفيات العمل من أجل تلبية حاجات معينة.
ثم يتطرق بعد ذلك إلى الخبر الديني، والمغزى من ورائه:
ليس الغرض من الخبر في الدين تبليغ معلوم معين بقدر ماهو الحث على الاعتبار بهذا المعلوم، أي ليس هو الدلالة على الشيء ذاته بقدر ماهو الاستدلال بهذا الشيء على ما سواه ، أو قل بإيجاز، إن الخبر الديني هو آية قبل أن يكون حكاية.
الخبر الديني ليس خبرًا علميًا وإنما هو خبر عملي ؛ ذلك أن الدين لم يأت لكي يُعلم الناس مايمكن أن يدركوه بآلاتهم وقدراتهم المختلفة التي خلقوا بها، ولا أتى على نسق نظرية علمية حتى يمكن أن تُجرى عليها وسائل التحقيق المعلومة وإنما أتى لكي يرشد الخلق إلى الطريق التي ينبغي أن يوجّهوا بها هذه الآلات والقدرات الإنسانية حتى يستطيعوا أن يحيوا حياة طيبة في العاجل وحياة سعيدة في الآجل ؛ وذلك لأن هذه الآلات والقدرات المختلفة، بالنظر إلى ذاتها، يجوز أن تطرق كل أبواب الإمكان وتأخذ في ممارساتها كل اتجاه، إذ ليس لها من ذاتها مايحملها على فعل هذا بعينه، أو فعل هذا دون فعل ضدّه ولا مطمع في توجيهها إلا بتعيين جملة من القيم التي ينبغي لها أن تطلبها، وهي التي يتولى الخبر الديني الإعلام بها أو الإشارة إليها، فإذن لا خبر في الدين بمعزل عن قيمة قريبة أو بعيدة.