المعرفة والفكر الفلسفيترجمات حصرية

كيف نكبر؟ برتراند راسل نحو الحياة الهنيئة

"اجعل اهتماماتك أوسع فأوسع وأكثر موضوعية، حتى تتقلص جدران الأنابيب، حتى تندمج حياتك في الحياة الكونية"

كتب ذات مرة الكاتب (هنري ميلر)، واصفًا الطريق نحو حياة هنيئة، وهو يشارف على الثمانين من عمره قائلًا “إذا كان بمقدورك أن تقع في الحب مرة تلو والمرة، وأن تصفح عن الزلات وتنساها، وأن تمتنع عن الكآبة والتشاؤم والحقد… فقد قطعت نصف الطريق”

وقبل ذلك بسبع سنوات، أمعن الفيلسوف والمؤرخ وعالم الرياضيات البريطاني الكبير (برتراند راسل) التفكير في السؤال نفسه وفي المرحلة العمرية نفسها في مقال رائع كتبه في عمر الواحد والثمانين بعنوان ” كيف تكبر” ونشر في كتاب Portraits from Memory and Other Essays .

وقد وضع (راسل)، على رأس متطلبات الحياة الهنيئة، التخلص من الأنا الذاتية فكتب:

اجعل اهتماماتك أوسع فأوسع وأكثر موضوعية، حتى تتقلص جدران الأنا، حتى تندمج حياتك في الحياة الكونية. ينبغي أن يكون الإنسان كالنهر، صغير في بدايته، بالكاد تحتويه ضفتيه، ويجري بحماسة بجانب الصخور وعلى الشلالات. رويداً رويداً يتسع النهار، وتتقلص ضفافه، فتجري المياه بهدوء أكثر، وفي النهاية يندمج مع البحر، فيتخلص بسهولة من ذاته.

ويمضي (راسل) فيستشهد بالعالمين (سيجموند فرويد) و(تشارلز داروين)، اللذان يريا الموت كعامل منظمٍ للحياة الحديثة، فيختتم قائلًا:

إن الرجل الذي يرى حياته من هذا المنظور حين يبلغ الشيخوخة، لن يخشى الموت، إذ أن الأمور التي يهتم بها ستستمر. وإذا زاد التعب، مع انقضاء العافية، فإن فكرة الموت لن تؤرقه. أتمنى أن أموت وأن أعمل، علماً مني أن غيري سيكمل ما لم أعد أستطيع إكماله وسأقنع أن ما كان بالإمكان قد كان. 


[المصدر]

ترجمة: عبدالرحمن نصر الدين. 
مراجعة أحمد بادغيش
زر الذهاب إلى الأعلى